لماذا النرجسي يشارك تفاصيل علاقاته السابقة؟

خفايا لعبة العقل العاطفية

مقدمة

عندما تدخل في علاقة مع شخص نرجسي، قد تلاحظ شيئًا مثيرًا للحيرة: يتحدث كثيرًا عن علاقاته السابقة. يشاركك قصصًا مليئة بالدراما أو المبالغة، أو قد يُظهر نفسه كضحية أو كبطل لا يُقدّر. قد تتساءل: لماذا يخبرني بكل هذا؟ هل يثق بي؟ أم يحاول إيصال رسالة؟ في هذا المقال، سنغوص في أعماق نفسية الشخص النرجسي ونكشف الأسباب النفسية والسلوكية التي تدفعه لمشاركة تفاصيل علاقاته الماضية، وما الذي يعنيه ذلك لك.

1. أداة للسيطرة النفسية

النرجسي لا يشارك الماضي لمجرد الفضفضة، بل غالبًا ما يكون خلف ذلك هدف نفسي محدد: السيطرة على مشاعرك وتوقعاتك. حين يخبرك أن شريكته السابقة كانت "مجنونة" أو "مهووسة به"، هو يزرع فكرة: "إذا غرت أو طالبت باهتمام زائد، فستكونين مثلها". يخلق بذلك إطارًا نفسيًا يجعلك تتجنبين المطالبة بالحب أو الحدود خوفًا من أن تُصنّفي بنفس الطريقة.

2. أسلوب استباقي لتشويه سمعة السابقين

يريد النرجسي أن تري الماضي كما يرغب هو، لا كما كان. لذلك، يبدأ بمهاجمة شريكته السابقة منذ البداية، ويُصوّر نفسه كضحية لا تُقدّر. بهذا، يضمن أنك إن التقيت بها أو سمعت روايتها، ستكونين مُهيّأة لعدم تصديقها.

3. الإثارة وخلق منافسة خفية

عندما يصف علاقاته السابقة بأنها مليئة بالشغف أو الدراما، هو لا يسردها فقط، بل يقارن — حتى لو لم يقلها صراحة. يُشعرك أن عليك أن تكوني أكثر إثارة، أكثر تسامحًا، أكثر صبرًا… فيخلق سباقًا نفسيًا لتثبتي أنك "أفضل من سابقاتك"، مما يضعك في حالة إثبات مستمرة ويستنزفك عاطفيًا.

4. تلميحات للعودة أو التهديد العاطفي

أحيانًا يتحدث عن حبيبته السابقة بإعجاب: "كانت تفهمني أكثر من أي شخص"، أو "ما زالت تشتاق لي". في هذه الحالة، هو لا يحنّ فعليًا، بل يزرع تهديدًا غير مباشر: "لو لم تعجبيني، يمكنني العودة لها أو إيجاد غيرك بسهولة." هذا النوع من التلاعب يجعلك تشعرين أنك في منافسة دائمة على مكانك في حياته.

5. عدم الفصل بين الماضي والحاضر

الشخص النرجسي غالبًا لا يمتلك حدودًا نفسية واضحة. الماضي عنده لا يُغلق، بل يُستحضر عند الحاجة. قد يستمر في التواصل مع شريكاته السابقات، أو يتحدث عنهن أمامك بلا حساسية، وكأنهن جزء من حياته اليومية. هذا ليس سهوًا، بل هو جزء من نمط احتفاظه بالروابط كأدوات للنفوذ والسيطرة.

كيف تتعاملين؟

  • راقبي مشاعرك بعد هذه الأحاديث: هل تشعرين بالذنب؟ بالتنافس؟ بالقلق؟ هذه إشارات على وجود تلاعب.
  • ضعي حدودًا واضحة: لا تقبلي الحديث المتكرر عن علاقاته السابقة، خاصة إن كان الهدف واضحًا للتقليل من شأنك أو الضغط عليك.
  • ثقي بحدسك: إن شعرت أن هناك لعبة نفسية تُدار، فهي على الأغلب كذلك.
  • اسألي نفسك: لماذا أحتاج أن أتحمّل هذا؟ العلاقات الصحية لا تُبنى على المقارنة أو الخوف أو تقليل القيمة.

خاتمة

حديث النرجسي عن علاقاته السابقة ليس صدفة. إنه انعكاس لطريقة تفكيره في الناس كأدوات لتحقيق احتياجاته النفسية، لا كشركاء متساوين في الحب. كل كلمة يحكيها عن ماضيه هي حاضرٌ يتشكل لكِ أنتِ — إما أداة للسيطرة، أو تذكير بأنك لست وحدك في المشهد. الوعي بهذه اللعبة هو أول خطوة لحماية نفسك… والحب الحقيقي يبدأ من احترام الذات.

تعليقات

لا توجد تعليقات بعد